الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

حمى فقدان الكتابة


عالقةٌ انا في مرحلة (مكانك سِر كما اعتدنا ان نقول في مصر ) أو كما أسماها أحد المدونين مسبقاً ( قفلة الكاتب ) ، فمنذ أكثر من شهرين لم تطأ يداي قلم .. ولم تداعب صفحات مفكرتي ، أصبحت كمن عقدت هدنة صامتة غير مسبوقة مع الكتابة .. لتصيبني الآن حمى فقدانها
فلم أعتد يوماً أن أفضي بما في داخلي سوى لتلك الأسطر التي تحتويني بينها والتي كانت تستقبلني دائما فاتحةً ذراعيها كأمٍ حنون تدعوني لأرتمي بين أحضانها وأبث كل ما يعتلي روحي من آثقال وأعباء
كنت أترك قلمي ينزف عليها بلا هوادة ولا رحمة ، منذ اللحظة التي أخط فيها أول حرف .. وحتى أضع القلم لاهثة من عبء ما كنت أكتب
تصيبني الآن حمى فقدانها فتؤرق منامي ، وتمنع النوم من أن يزورني لليالٍ طويلة ، وتحرمني من راحة البال التي أنشدها في هذه المرحلة من حياتي لإنشغالي الدائم بحياتي الدراسية واحتياجي لصفاء الذهن التام للتركيز بها
أكاد أسمعها تناديني من مخبئها في الرف السفلي من مكتبتي .. تتحرش بي كي أنفض عنها غبارها وأحدثها بما أوشك أن يفتك بروحي ويقضم ظهري
أنظر إليها طويلاً .. تكاد يداي تمتد إليها .. ولكنني أقاوم تلك الرغبة الملحة في التقاطها والحديث إليها .. أرسل لها تنهيدة طويلة ، تشعر بي فتطاطأ أسفاً على حالي .. وتلوح لي لتذكرني بأنها دوماً هنا من أجلي إن أنا احتجت لها ، وتتمنى لي نوماً هادئاً .. وهي تعلم كما أعلم أن أمنيتها تلك ستظل معلقة إلى إشعار آخر

الثلاثاء، 8 أكتوبر 2019

كوب قهوة .. ونظرة أخرى



كل ما نحتاجه .. هو كوب قهوة وإمعان التفكير لنحصل على نظرة أخرى
فكم من مواقف قد نمر بها ونحكم عليها من النظرة الأولى، في حين أنه إذا أمعنا التفكير قليلاً سوف ننظر إلى نفس الموقف بنظرة أخرى
وأيضاً كل ما يصيبنا من أمور قد تؤلم قلوبنا وتكسر أرواحنا، نحن نظن أنها شراً لنا .. ولكن مع القليل من التفكير سنجد أنها من أفضل الأمور التي حدثت لنا
فالله تعالى يقول لنا ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ) فلما إذاً التسرع في الحكم على تغير مجريات حياتنا وأحداثها؟
و كم من إنسان نظرنا إليه نراه سعيداً .. بينما إن أمعنا التفكير والنظر إليه ، سوف نجد انه يحمل بداخله ما لا يطيق أحد العيش به ولكنه يحاول جاهداً أن يخفي آلامه بداخله .. لربما كانت نفسه عزيزة عليه إلى حد ما يجعله يتحامل عليها
وهكذا على غرار مواقف أخرى كثيرة لا نرى خباياها ونحكم فقط على الظاهر منها
فلماذا إذاً نهتم دائما ً بالمظهر ونهمل الجوهر ؟ أهو حباً منا في أن نرى الأشياء كما تريد أهوائنا ؟ أهم هو قصور منا في كيفية فهم ما نرى أو ما يحدث لنا ؟ أم هناك أسباب أخرى تعجز عقولنا عن تفسيرها ؟
وحتى نجد تفسير لذلك ، لنرى الأمور بشكل أوضح ونفهمها بطريقة أعمق .. كما قلت مسبقاً، فقط نحتاج إلى كوب من القهوة .. ونظرة أخرى

الخميس، 3 أكتوبر 2019

وقفة مع النفس


مؤخراً .. أصبحت عجلة الأيام تدور بنا سريعا، فلا نكاد نصبح في اليوم حتى نجد أن الليل قد أسدل ستاره .. وهكذا تمر الأيام تباعاً ونحن مأخوذين بمشاغل الحياة ، ولربما من شدة ما نستغرق فيها ننسى انفسنا وذواتنا ونكف عن مراقبتها وحسابها
فحديثي اليوم هو دعوة لـوقفة مع النفس
نعم وقفة مع أنفسنا ، فلطالما لاحظت ان اغلب الناس ينتظرون المواسم الإيمانية العظيمة كـ ( شهر رمضان ، موسم الحج ، يوم عرفه ) ليقفوا مع أنفسهم وينظروا في أمرها .. بينما هم غافلون عنها في باقي أيام العام .. منشغلين عنها بحيواتهم
لا شك في ان تلك المواسم تشكل فرصاً عظيمة لمن يريد ان يقف مع نفسه ويقومها ويبدأ من جديد ، ولكن انتظارها في كل مرة وربط وقفاتنا مع انفسنا بها هذا ما أجده خطأً كبيراً .. فمحاسبة النفس والوقوف معها أمر لابد أن يكون له ظهور متكرر في حياتنا على مدى العام .. بل أكاد أقول أن يكون له وجودٌ يوميٌ في حياتنا
الله سبحانه وتعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدّمت لغدٍ واتّقوا الله إن الله خبير بما تعملون } الحشر : 18
وقيل في تفسير مضمون هذه الآية ، أي : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم .. ولكن يمكننا ان نلتمس من ظاهرها دعوة لمحاسبة النفس بشكل مستمر كأن يحاسب الانسان نفسه قبل غدِ كل يوم ..لينظر ماذا قد فعل في يومه وماذا قد حقق من أهدافه وماذا اكتسب من عادات جميلة وعلى أي عادات غير محببة قد تغلب ؟
ولربما الكثير منا لا ينتبه إلى أهمية تلك الخطوة الهامة في مسيرة حياته ، فيسير في طريقه كيفما جاء معه ، ولا يعي ان أهمية تلك الوقفات مع أنفسنا تكمن فيما نراه من نتائج مثمرة تليها، بإذن الله
فالإنسان حين يقف مع نفسه في أوقات محددة وقفة تأمل أو وقفة جرد أو حساب سموها كما شئتم .. فإنه يتأمل في إنجازاته التي حققها فتكون دافعاً له لتحقيق المزيد وينظر في إخفاقات قد اصابته فتكون خير درس له كي لا يكررها
وتجد الإنسان الذي يقف مع نفسها دائماً ويتأمل في حالها انسان يطور من ذاتها دائماً فهو ابنٌ لكل يوم جديد ولا ينتهي يومه دون أن يضيف شيء جديد لنفسه ويأتي في أخر كل يوم وقبل نومه يقف مع نفسه لحظات بسيطة يستعرض بها ما مر به خلال يومه ويقيمه من وجهة نظره ويرسم بداية خطط جديدة وينام مرتاح البال
فوقفات النفس ليست فقط لمحاسبتها بل هي دعوة متجددة لتطويرها وتحسينها وجعلها أزكى في كل مرة ، فلا يجب علينا ان ننتظر مواسم الخير والايمان الكبيرة كي نستقطع وقتاً لأنفسنا بل يجب أن تكون لنا معها وقفات متكررة متأملة لمسيرة حياتنا
وتذكروا قول أحد الحكماء : ابدأ اليوم .. فليس الغدُ بمضمون
x