الخميس، 3 أكتوبر 2019

وقفة مع النفس


مؤخراً .. أصبحت عجلة الأيام تدور بنا سريعا، فلا نكاد نصبح في اليوم حتى نجد أن الليل قد أسدل ستاره .. وهكذا تمر الأيام تباعاً ونحن مأخوذين بمشاغل الحياة ، ولربما من شدة ما نستغرق فيها ننسى انفسنا وذواتنا ونكف عن مراقبتها وحسابها
فحديثي اليوم هو دعوة لـوقفة مع النفس
نعم وقفة مع أنفسنا ، فلطالما لاحظت ان اغلب الناس ينتظرون المواسم الإيمانية العظيمة كـ ( شهر رمضان ، موسم الحج ، يوم عرفه ) ليقفوا مع أنفسهم وينظروا في أمرها .. بينما هم غافلون عنها في باقي أيام العام .. منشغلين عنها بحيواتهم
لا شك في ان تلك المواسم تشكل فرصاً عظيمة لمن يريد ان يقف مع نفسه ويقومها ويبدأ من جديد ، ولكن انتظارها في كل مرة وربط وقفاتنا مع انفسنا بها هذا ما أجده خطأً كبيراً .. فمحاسبة النفس والوقوف معها أمر لابد أن يكون له ظهور متكرر في حياتنا على مدى العام .. بل أكاد أقول أن يكون له وجودٌ يوميٌ في حياتنا
الله سبحانه وتعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدّمت لغدٍ واتّقوا الله إن الله خبير بما تعملون } الحشر : 18
وقيل في تفسير مضمون هذه الآية ، أي : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم .. ولكن يمكننا ان نلتمس من ظاهرها دعوة لمحاسبة النفس بشكل مستمر كأن يحاسب الانسان نفسه قبل غدِ كل يوم ..لينظر ماذا قد فعل في يومه وماذا قد حقق من أهدافه وماذا اكتسب من عادات جميلة وعلى أي عادات غير محببة قد تغلب ؟
ولربما الكثير منا لا ينتبه إلى أهمية تلك الخطوة الهامة في مسيرة حياته ، فيسير في طريقه كيفما جاء معه ، ولا يعي ان أهمية تلك الوقفات مع أنفسنا تكمن فيما نراه من نتائج مثمرة تليها، بإذن الله
فالإنسان حين يقف مع نفسه في أوقات محددة وقفة تأمل أو وقفة جرد أو حساب سموها كما شئتم .. فإنه يتأمل في إنجازاته التي حققها فتكون دافعاً له لتحقيق المزيد وينظر في إخفاقات قد اصابته فتكون خير درس له كي لا يكررها
وتجد الإنسان الذي يقف مع نفسها دائماً ويتأمل في حالها انسان يطور من ذاتها دائماً فهو ابنٌ لكل يوم جديد ولا ينتهي يومه دون أن يضيف شيء جديد لنفسه ويأتي في أخر كل يوم وقبل نومه يقف مع نفسه لحظات بسيطة يستعرض بها ما مر به خلال يومه ويقيمه من وجهة نظره ويرسم بداية خطط جديدة وينام مرتاح البال
فوقفات النفس ليست فقط لمحاسبتها بل هي دعوة متجددة لتطويرها وتحسينها وجعلها أزكى في كل مرة ، فلا يجب علينا ان ننتظر مواسم الخير والايمان الكبيرة كي نستقطع وقتاً لأنفسنا بل يجب أن تكون لنا معها وقفات متكررة متأملة لمسيرة حياتنا
وتذكروا قول أحد الحكماء : ابدأ اليوم .. فليس الغدُ بمضمون
x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رأيكم يسعدني